لقد أصبح العصر الرقمي الإلكتروني يطرق عقولنا وحواسنا مثلما تدق الأبواب والشبابيك المغلقة بعنف ، ولا يمكن لأي عاقل أن يتجاهل هذا الخليط العجيب من الأرقام الحروف والأصوات والصور ، التي تملأ الفضاء وتقتحم مدارك الإنسان ، وتفرض أنماطا من التحديات والسلوكيات التي يتعين فهمها ، ثم الاستفادة من معطياتها ، لكي يظل العقل الإنساني متحكما في إرادته ، وفاعلا في مصيره ، ومشاركا في مستقبله. إن لكل عصر لغته وأسلوبه في التعبير عن أفكاره ، ونحن اليوم نعيش عصر اللغة الرقمية الإلكترونية ، التي اندمجت فيها كل وسائل التفكير والتعبير ، التي ابتكرها الإنسان ، وهو ما يسمى بالوسائط المتعددة والمتفاعلة.لقد تغيرت الكثير من جوانب الحياة ، تبعا لتطورات وسائل الاتصال ، بيد أن التقنيات الإلكترونية الحديثة تكاد ترسم صورة مختلفة لعالم جديد ، لعل من أبرز خصائصه وفرة المعلومات وكثافتها وتدفقها بسهولة وسرعة فائقة ، فضلا عن التنوع في استخدام تلك المعلومات ، والتحكم في مساراتها وتوجهاتها ، وتوظيفها من قبل بعض القوى الدولية ، لأغراض سياسية وإستراتيجية.وفي خضم هذا التغيير ظهرت الصحافة الالكترونية الموجودة على شبكة الإنترنت ، و التي أثرت وبشكل حيوي ومباشر على حركة الصحافة في عقر دارها ، بما وفرته من سبل سهلة للحصول على الخبر ومتابعة الحدث أولا بأول ، واختصرت مسافات كثيرة على المتابعين للأحداث ووفرت ثمن الاشتراك في المطبوعات بأنواعها وظهور المواقع الالكترونية على شبكة الإنترنت وهو بمثابة نوع من الغزو التكنو-صحافي.إن ثمة أسئلة ملحة يفرضها هذا العصر الرقمي الإلكتروني ، يمكن أن يرد في مقدمتها : هل انتهى عصر النشر الورقي وبدأ عصر جديد ، ليس فيه مكان للكتاب المطبوع؟.. هل كسرت الأقلام وبعثرت الأوراق وطويت الصحف وجفت الأحبار ، في انتظار يوم عظيم؟.. وما نحن فاعلون في ذلك اليوم الذي لا ريب فيه؟!..هل أن قدرنا أن نكون متلقين ومستهلكين فقط ، أم أن أمامنا فرصة لنشارك وننتج ونتفاعل وسط سيل المعلومات الإلكترونية الجارف؟!..
هذا الموقع يقوم باستخدام الكوكيز. إذا استمرّيت بالتصفّح، فإنّك توافق على استخدامنا للكوكيز. تصفّح سياسة الخصوصية
موافق